Friday, April 20, 2012

ألين لحود: أرفض الابتذال وتسليع المرأة


 
كتب: بيروت- مايا الخوري 
لم تتكل يوماً على الاسم العريق الذي ورثته من والدتها الفنانة الراحلة سلوى القطريب ومن عمها الفنان القدير روميو لحود، بل فرضت نفسها في الوسط الفني بمجهودها الشخصي وحققت حضوراً أهّلها للاضطلاع بأدوار البطولة. إنها الفنانة ألين لحود التي تؤدي بطولة مسرحية «عا أرض الغجر» لمروان وغدي الرحباني على مسرح كازينو لبنان، وتنهمك في تصوير عملين دراميين جديدين بالإضافة إلى مسلسل «أوبيرج» على شاشة الـ «أم تي في» اللبنانية، وتؤدي فيه دوراً كوميدياً خفيفاً.

عن مسرحيتها وأعمالها الجديدة تحدثت لحود إلى الجريدة.

كيف تقيّمين الأصداء حول دورك في مسرحية «عا أرض الغجر»؟
إيجابية أكثر مما توقعت. شكّل هذا الدور تحديًا لي سواء على صعيد الإطلالة المسرحية أو شكلي الخارجي أو الشخصية المركبة كإمرأة لعوب تتمتع بكبرياء وتحاول إغراء الرجال من حولها. إنه دور غنائي استعراضي منوّع نقلته كما يجب إلى الجمهور.

انطلق فنانون كثر من أحضان المسرح الرحباني الى رحاب الغناء، لكنك مغنية أساسًا، فكيف تقيّمين التجربة؟
لا يمكنني التحدث بلسان الفنانين الآخرين، إنما هذا التعاون الرحباني مع شخص معروف بدلا من إطلاق موهبة واعدة لفت انتباه الناس. إنها تجربة ممتعة لفنانة شغوفة بالمسرح، خصوصًا بعد تجاربي المسرحية السابقة التي شكلت إضافة مميزة لمسيرتي الفنية، فكيف الحال مع غدي ومروان الرحباني؟! اكتشفت ذاتي بصورة جديدة تحت إدارة كتّاب وملحنين ومخرج اكتشفوا صوتي واكتشفته أكثر معهم.

كيف تصفين الثنائية مع غسان صليبا؟
هذا الفنان هو تاريخ في المسرح الغنائي ولا يجب الاستهانة في الوقوف إلى جانبه على الخشبة. ثمة متعة غريبة في العمل معه لأنه متواضع وقريب من القلب وروحه مرحة، فانعكس هذا الأمر على نتيجة العمل إذ لاحظ الجمهور  الانسجام الفني بيننا على المسرح.

هل ستجولون في الدول العربية؟
أتمنى ذلك، خصوصًا أن هذا الموضوع قيد الدرس وسيعلن عنه غدي الرحباني في الوقت المناسب.

ما الرسالة التي تحملها هذه المسرحية؟
تحمل رسالة إنسانية تتخطى أبعاد الوطن كونها تتحدث عن أهمية الإنسان والأرض التي لا قيمة لها من دون وجود ناسها، لذلك أي شعب تعرّض للهجرة والاغتراب والوحدة وينتمي إلى مكان يناضل للحفاظ عليه يعتبر نفسه معنيًا بموضوعها، إنها مسرحية شاملة بالفعل. أما اختيار الغجر، فلأنهم معروفون بالترحال والتنقل المستمر ويشكلون عبرة لكل مغترب عن أرضه يشعر بأن هويته ضائعة.

لديك تجارب مسرحية مع الفنان الياس الرحباني في مسرحية «الأندلس جوهرة العالم» التي عرضت في دبي، فرقة كركلا في مسرحية «أوبرا الضيعة» وراهنًا مع غدي ومروان الرحباني، ما أوجه الاختلاف بينها؟
وضع كل منهم روحه في العمل وعالج موضوعه بطريقته الخاصة وإدارة مخرج أو كاتب مختلف، فظهرتُ في كل مرّة بصورة مختلفة.في «عا أرض الغجر» يدرك مروان الرحباني تمامًا كيف يحرك الممثل ويخرج منه الرسالة المحددة. أما في مسرح كركلا فثمة تركيز على الرقص لذلك تمرنت على إخراج هذه الموهبة من داخلي، وفي مسرحية الياس الرحباني، استمتعت في العمل بإدارة المخرج نقولا دانيال. من هنا اعتبر أن لكل عمل مسرحي متعته الخاصة وقيمته الذاتية، خصوصًا أن النضج والخبرة يساعدان في تطوير الذات بين عمل وآخر.

يتطلّب المسرح تفرّغاً بين التحضير والعرض، كيف تجدين الوقت للغناء والتمثيل الدرامي؟
أشعر أحيانًا بضغط كبير، لكني اخترت إيقاع حياتي وأدركت، منذ دخولي المعترك الفني، ما ينتظرني، فأحيانًا تنعكس أمور صعبة ومتعبة على نفسيتي، وأحيانًا أخرى أجد لها حلولاً مناسبة، لكنني في مطلق الأحوال نظمت وقتي ونسّقت بين أعمالي انطلاقًا من الخبرة والنضج المكتسبين تدريجًا.

هل ستستمرين في المسرح الاستعراضي؟
طبعًا، إذا كانت العروض لائقة وتبرز قدراتي الفنية.

هل يوازي الوقوف كمغنية على المسرح الوقوف كممثلة استعراضية؟
رهبة الخشبة واحدة في الاثنين ويجب أن تظل كذلك على رغم أنهما يختلفان في طبيعة العمل، أي أن الوقوف على المسرح للغناء برفقة فرقة موسيقية ضخمة لا يستهان به أمام الجمهور ومسؤولية كبيرة، كذلك الأمر في العمل المسرحي الضخم الذي نتشارك فيه مع العناصر المكمّلة للمشهد المسرحي.

أخبرينا عن دورك «الرؤية الثالثة».
المسلسل من كتابة طوني شمعون واخراج نبيل لبّس. أجسّد الشخصية الأساسية التي تدور حولها الأحداث، وهي شخصية مركبة ذات صفات متنوعة، تتعرض لصدمة بعد فقدان أهلها في حادث سير فتنقلب حياتها رأسًا على عقب، بسبب اضطراباتها النفسية والتشكيك بالمحيطين بها. إنه دور صعب ويشكل تحديًا كبيرًا لي، لكنه من أمتع الأدوار التي أدّيتها.

تقفين فيه للمرة الأولى أمام الممثل بديع أبو شقرا، فكيف وجدت البطولة الثنائية معه؟
يتمتع بديع ابو شقرا  بمقومات الممثل الناجح الذي يدفع شريكه إلى مزيد من العطاء، تعلمت منه الكثير واستفدت من خبرته، لذلك هذه البطولة من أهم الفرص التي توافرت لي في مسيرتي الدرامية.

وماذا عن «عندما يبكي التراب»؟
المسلسل من كتابة طوني شمعون، إخراج إيلي معلوف وإنتاجه، بطولة: يورغو شلهوب، كارول الحاج، طوني عيسى وانا. أؤدي فيه دورًا جديدًا، وهذا الأمر يجذبني ويخرج مني طاقاتي التمثيلية لخدمة دوري الدرامي، إذ أجسّد شحصية ابنة رجل غني تفكيره تقليدي ويريد أن تكمل ابنته مسيرته في الحياة، فيما تسعى هي إلى شق طريقها بنفسها وتطوير موهبتها في تصميم الأزياء والانطلاق فيها، فتقرر مغادرة المنزل ما يؤدي إلى مواجهات وأحداث عدة.

برأيك أي من الدورين يترك بصمة أكثر لدى المشاهدين: الدرامي أو الكوميدي؟
الإثنان معًا، لكن الكوميديا أصعب، من السهل إبكاء الجمهور العربي فهو عاطفي بطبيعته ودمعته سخية، فيما تتطلب الكوميديا مجهودًا أكبر. لا أقصد هنا كوميديا المهزلة والنكات، إنما الضحكة التي يخرجها الممثل من صميم المشاهد وتحمل رسالة معينة في اطار مهضوم وخفيف. في لبنان كوميديون حقيقيون  لا يحتاجون الى حركات بهلوانية وحديث مبتذل لاضحاك الجمهور، لكنهم للأسف قلة.

نلاحظ أنك تتنقلين من مشروع درامي الى آخر، لكن ماذا عن المشاريع في مجال الغناء؟
قيد التحضير، من بينها: الموسم الثاني من برنامج talent teen على شاشة الـ «أو تي في» اللبنانية الذي يظهر مواهب الأطفال في الغناء، إطلاق أغنية my way التي عرّبها الفنان روميو لحود لأؤديها بصوتي.

غالبًا ما تذكرين أهمية الثقافة في أحاديثك، كيف تنظرين إلى واقعها في الوسط الفني اللبناني والعربي؟
في لبنان يشكّل المثقفون نسبة عالية، لكن يحزنني واقع الوسط الفني لأن ثمة من يعتبر نفسه نجمًا من الدرجة الاولى، فيما  يحتاج الى جهد لتطوير  إطلالاته الإعلامية والخروج من حديث الملابس والشعر والماكياج وعمليات التجميل.الفنانون هم صورة لبنان ولا يقتصر دورهم على الغناء والتمثيل، وإنما تجسيد ماهية الوطن، لذلك جميل أن تكون حواراتهم عميقة ويفقهون في المواضيع المختلفة.

ما مدى انعكاس الواقع الثقافي على مسيرة الفن في الوطن؟
ينعكس في كمية الأعمال المبتذلة التي تفوق الأعمال الجميلة والقيّمة، لذلك أركّز في حواراتي على الثقافة والاطلاع والتوجيه الصحيح لمواجهة  الفوضى الفنية القائمة والتي تطفو على السطح، أكثر من الأعمال القيّمة التي يجتهد القيمون عليها ويتعبون لتنفيذها.مثلاً أثناء التحضير لمسرحية «عا أرض الغجر» سافر غدي الرحباني إلى كييف لإدارة الاوركسترا هناك ومن ثم عاد إلى لبنان لمواكبة التسجيلات، إضافة إلى اجتهاد وإتقان  كل شخص معني في التحضير للمسرحية.في المقابل ثمة  من يطلق أعماله الفنية بكبسة زر، فلا تهتم فنانة معينة مثلا سوى بطرح أغنيات وتحقيق شهرة والظهور أمام الكاميرا، وإن كانت لا تفهم معنى أغانيها،  من هنا رواج أغانٍ معيبة في الأسواق.

في ظل ما يواجهه الوسط الفني اللبناني من مشكلات، ما المطلوب من وزارة الثقافة اليوم؟
أن يطّلع  الوزير على وضع الفنانين اللبنانيين وتعبهم وعملهم في ظروف قاهرة لتصوير مسلسل درامي، ويتخّذ قرارات مهمة ويضع قوانين منصفة بحقهم، بدل إهمالهم وتكريمهم بنيشان بعد وفاتهم. أحيي الممثلين اللبنانيين الذين يعانون للظهور بأبهى صورة أمام جمهورهم كذلك أحيي من يعمل من أجل الفن باللحم الحيّ.

لم تظهري يومًا بدور إغراء على رغم تمتعك بمقومات جمالية مناسبة، لماذا؟
لم أتلق عرضًا لدور راقٍ ومقنع ولائق ومناسب في هذا الإطار، أرفض الابتذال وإظهار المرأة سلعة، لكنني أقبل دور الإغراء الذي يحمل رسالة تظهر الآثار السلبية لهذه التصرفات المبتذلة.

برأيك، هل يصعب على الفنان الراقي إثبات هويته وتحقيق طموحاته في عصرنا هذا؟
بالطبع، خصوصًا إذا لم يكن صاحب إنتاج خاص.

هل سنراك خلف الكاميرا كمخرجة، لا سيما أن لديك تجارب في إخراج أفلام قصيرة وكمساعدة مخرج؟
ثمة مشروع في هذا الإطار، لكن ينصبّ اهتمامي الراهن على الغناء  والتمثيل. مع أنني تخصصت في الإخراج، لكنني لا أحب خلط الأمور والاستعجال، لذلك سأركز عليه حين أكون متفرغة من أي عمل آخر .

هل ستنصفين ثلاثية الإخراج والتمثيل والغناء على حد سواء؟
طبعًا متى استطعت تنظيم نفسي، لا يشكل الإخراج أولويتي بل الغناء والتمثيل المتوازيين في مسيرتي الفنية، ومتى أقرر خوض هذا المجال سأكون متفرغة. أرفض منطق الالتزام بموهبة واحدة، إذا كان الله قد انعم على الشخص بمواهب عدة يستطيع أن ينجح فيها جميعها، لكنني من جهة أخرى لا أغامر إذا لم أكن متأكدة من قدرتي على النجاح لأن أي خطوة ناقصة في هذا الإطار تؤدي إلى التضحية باسمي ومسيرتي.

ما الأولوية التي تركزين عليها تجنباً لأي خطوة ناقصة؟
أنظر إلى الأعمال التي قدمتها ولا أتراجع عن مستواها لأن الاستمرارية أصعب من النجاح، الدليل أنني تركت بصمة إيجابية على رغم خطواتي القليلة في الفن. المهم بالنسبة إليّ ليس تقديم كمّ من الأعمال، بل ما يتذكره الجمهور، مثل فوزي بجائزة الـ «موركس دور» عن فئة الموهبة الواعدة واطلاقي أغنيات باللغة الفرنسية، وما زالت كليباتي ماثلة في ذهن الناس كذلك أدواري الدرامية وعملي مع فرقة كركلا على مدرج مهرجانات بعلبك الدولية. هذا الأمر يفرحني لأن خطواتي محددة وانتقائية وراسخة في الأذهان.

في ظل الثورات العربية، هل من دور يؤديه لبنان على صعيد الانتاج العربي؟
ما من شك في أن لبنان تقدم دراميًا، إنما لم يصل المنتجون بعد الى حيث يطمحون. يجب ألا ننسى أننا غير مدعومين من الدولة اللبنانية وتستند شركات الإنتاج إلى مجهودها الخاص، فيما الدول التي تعاني اليوم صعوبات انتاجية بسبب الثورات كانت الحكومات فيها تدعم الفن. برأيي، لدينا مواهب وطاقات كثيرة، لكننا لا نملك إمكانات مادية لتحقيق ما نصبو اليه.

هل تلقيت عروضًا عربية؟
مثلت في المسلسل السوري «أبواب الغيم» مع الفنان حاتم علي وحقق نجاحًا في الخليج العربي، فكانت تجربة جميلة جدًا، لاحقًا تلقيت عرضين من سورية ومصر إنما توقيتهما لم يكن مناسبًا. كذلك تلقيت عرضًا لمسلسل لبناني عراقي إنما حال ارتباطي المسرحي دون المشاركة فيه.

No comments:

Post a Comment